الأحد، 24 يناير 2016

الثورة الجزائرية في الشعر الشعبي بالهقار والتدكيلت

د. رمضان حينوني
المركز الجامعي لتامنغست/ الجزائر

تمهيد:
تحتل الثورة التحريرية حيزا مهما في الشعر الشعبي الجزائري، وليس ذلك غريبا طالما أنها تركت أثرها في الذاكرة الشعبية بطريقة تلقائية، قبل أن تتركه على مستوى التنظير والتأويل. ولقد تغنى الشاعر الشعبي بها باعتبارها مخلصا من حقبة مريرة وبابا للأمل والعيش الكريم.
وعلى غرار شعراء الفصحى الذين أتحفوا القارئ بقصائدهم من أمثال مفدي زكريا وصالح باوية والشيخ سحنون وغيرهم، فقد مضى شعراء الملحون في نظم القصائد التي تخلد أهم ذكرى وطنية عند الجزائريين سواء أكان ذلك بمناسبة انطلاقها أم بمناسبة الاستقلال الذي حققته بعد سنين الجمر والدم.
وقد اختارت الدراسة ثلاثة من الشعراء التدكيلت استطاعوا أن يرسموا صورا جميلة عن ثورة بلدهم بالكلمة الشعرية الشعبية، وأن كان اختيارهم لا يعني أنهم وحدهم في ساحة الشعر في جنوب الجزائر، فهناك من الشعراء الكثير في الجهات المختلفة من هذه المساحة الصحراوية الكبيرة، وإنما أردنا عينات نستطيع من خلالها بيان حجم الاهتمام بالثورة وأحداثها على الرغم من تباعد السنين وتغير الظروف.
ولم نقصد بهذه الدراسة وقوفا على الجانب الفني للقصيدة الشعبية، ولا على الجانب الإيقاعي الغني فيها، وإنما عندنا إلى الجانب الموضوعاتي الذي نريد من خلاله الإشارة إلى الرسائل التي يرسل بها الشاعر إلى القارئ في ظروف سياسية واجتماعية مختلفة، وبخاصة أن الانجازات الثورية التي تتحقق في زمن معين عادة ما تتأثر بالتغيرات الطارئة في الأفكار والقناعات والاهتمامات في أزمنة لاحقة بدرجات متفاوته، فيدفع ذلك بعض شرائح المجتمع كالشعراء مثلا إلى محاولات إحكام ربط الأجيال إلى ماضيها بكل ما أوتوا من بيان وتأثير.
  
 ثورة التحرير في الجنوب الجزائري:
إذا كان المواطن الجزائري في الصحراء بسيطا في عيشه، مسالما في طبعه، فإن الحملة الاستعمارية التي زحفت إلى مناطقه قد أخرجته عن صمته ودفعته إلى الاقتداء بأبطال الأوراس والمناطق الأخرى الذين فجروا المقاومات والثورات، فكانت ثورة الشيخ بوعمامة في منطقة البيض مثالا حيا لعموم الإحساس بضرورة اتحاد الشعب الجزائري لتحرير أرضه واسترجاع كرامته.
ولم يكن أقصى الجنوب مختلفا عن غيره من المناطق في الروح الثورية ضد المحتل الفرنسي، فقد عرف سلسلة من الأحداث الخطيرة جعلته في الواجهة، وخصوصا ما تعلق منها باقتراح فصل الصحراء عن جسم الجزائر، والتفجيرات النووية التي خلفت آثارا مدمرة على البيئة والإنسان ما زالت آثارها ماثلة للعيان.
ويذكر الأستاذ الهادي الحسني عن مصادره أنه في بداية القرن العشرين، وبالتحديد في الخامس من يناير 1900 قام نحو 1300 من الدغامشة بإمكانات بسيطة بمعركة ضارية مع العدو الفرنسي بقودهم إيمانهم يقدرتهم على الدفاعهم عن أرضهم. وعلى الرغم من انعدام التكافؤ في العدد والعتاد إلا أنهم واجهوا عدوهم معتبرين الانسحاب توليا يوم الزحف فاستشهد منهم جمع كبير؛ بل إن شاعرهم عبد النبي بوتقي يرد على ناصحيهم بعدم المغامرة في دخول المعركة بقوله:
نصحتونا صحيح ونصيحتكم عار      وعيب لو كان من "البركة" ولّينا..[1]
ولقد أدى الشعراء والمثقفون دورهم كاملا بجانب السياسيين والمجاهدين في جبهات القتال بالوسائل التي أتاحتها ظروفهم، وجدير بنا أن نتوقف تمثيلا لذلك على البيان الثوري المشترك للمجاهد محمد جغاب والشاعر التومي الحاج سعيدان الذي جاء فيه:
(( لقد بدأ طريق الحرية إلى غايته فامضوا معه، واندفعوا إلى نهايته، فنحن في حاجة غلى كفاح آخر، كفاح أقوى وأروع من كفاحنا القديم ، كفاح مع أنفسنا كفاح مع الخونة والمغرضين، ومع كل رأس يحاول أن يتعرض للطريق، طريق الثورة المباركة ، فإن الفقر والجهل والمرض كلها مخلفات ورثها إيانا استعمار زائل وعهود فاسدة ، وحكام أبالسة.
نحن في حاجة إلى أكثر من هذا، فعلينا أن نؤمن بأننا في بداية الطريق، علينا أن ننسى كل شيء ولا نذكر إلا الجزائر وحرية الجزائر ومستقبل الجزائر، إن الثورة تركز اعتمادها على شعب يثق فيها ويطمئن إليها.
إن الثورة بعد عامين من ميلادها تقول لكم : إنها ثورتكم .. إنها صوتكم وذراعكم.. إنها أنتم.. فقفوا معها، وسيكتب الله لبلادنا مجدا لا يبلى وعزة لا تزول.))[2]
إن هذا البيان الصادر سنة 1957 يحمل من الحماسة للثورة والدعوة إليها ما يعزز الشعور أن الشعب الجزائري احتضن ثورته في قوة، وأن الذين فجروها كانوا يدركون أن عمومها التراب الوطني مسألة حتمية ولا تتطلب كثيرا من الوقت لينخرط فيها الجميع كل بوسيلته المتاحة.
وغني عن البيان أن اقتراح فصل الصحراء عن جسم الوطن الأم وبقائها تحت السيادة الفرنسية قد لاقت معارضة شديدة من لدن أعيان وعقلاء المنطقة، وهم القادة الاجتماعيون والسياسيون في ذلك الوقت، وهذه أكبر صفعة وجهها الشعب الجزائري في جنوب الوطن للعدو الفرنسي، بدءا من قانون 10 يناير 1957، وانتهاء بمظاهرات 27 فبراير 1962 بورقلة.
في هذه الفترة حاول الفرنسيون استمالة بني مزاب في شخص الشيخ إبراهيم بيوض لتأييد المشروع دون جدوىّ، وكذلك الحال مع الحاج " باي أخاموك" في تمنراست الذي أغرته سنة 1960 بأن يكون سلطانا على الصحراء مقابل تأييد الفكرة فرفضها، بل ورفض مجرد مناقشتها .[3]
إن استنطاق التاريخ الجزائري يوصلنا إلى حقيقة مفادها أن معاناة هذا الشعب وحجم تضحياته لا بد أن تصدح بها الحناجر أدبا وإبداعا.. فالكلمة ظلت رديف النضال منذ غابر السنين، والشاعر في الجنوب الجزائري فصيحا كان أم شعبيا لم يفوت فرصة التعبير عن هذا التاريخ المميز لأمة واجهت قوة عالمية كبرى، فكانت الثورة التحريرية المحور البارز الذي نجده خالصا في قصائد، وجزئيا في أغراض الشعر المختلفة .
شعراء أقصى الجنوب والثورة:
1-             التومي الحاج سعيدان[4]:
لا يذكر شاعر في أقصى الجنوب الجزائري قبل اسم التومي الحاج سعيدان، الذي رأينا بيانه المشترك آنفا، ففي ديوانه تتفجر الروح الوطنية الأصيلة، ليس فقط تمجيدا للثورة التحريرية بل أيضا تنويها بالدور الذي يجب أن يؤديه الجزائري في الحفاظ على اللحمة الوطنية كأبرز مظاهر أهداف الثورة بعد سني البؤس التي عاشها. وخصوصا في قصيدته" تحقيق حلم"[5] التي تتكون من ثمانين بيتا، يستعرض فيها أمجاد شعب أبي عرف طريقه، ويدعو الجزائري في الجنوب للالتحاق بالثورة بعد سنتين من انطلاقتها بقوله:
يا صحراوي شوف حال جيشك يضــفر    وانت راقد عار كــــــــــي الذمي تتقول
تتلقى الاخبار تصوط وتزيد اتــــــــــــكرر    سوس الغبرة خير كون واعي متعقل
عام ونصف الشعب قال شاهي يتحرر   وانت رازح  فيق حالتك مـــــــــــا تتحول
الشبان جميع شوف عنك تتحـــــــــــــــير    جاوبهم بالكلام قول لهــــم نـا نخصل
اصلي عربي وجنسنا بيه نتفـــــــــــــــخر    ديني مسلم مـــــــــــــــــــــــــــــا نحبه يتبدل
والقارئ شعر سعيدان يلحظ فكرا سياسيا ناضجا محيطا بأهم الأحداث التي ارتبطت بالثورة الجزائرية قبل وبعد انتصارها، وهو ما يعني أن شعره الثوري ليس ناتجا عن إحساس عاطفي فحسب، بل عن وعي بكيفية انتصار الثورات خصوصا عندما يربط الثورة بالبعد القومي العربي والبعد الإسلامي والإقليمي.
يقول في قصيدة " مغذي الأرواح ومسلي الأشباح" [6]
وانشوفوا البلاد لا بــــــــــد تتحرر     وتتعلم حتى عـــــــــــــــــــــــــــــــلم الطيراني
تونس في جنبك هــــــــــي تتحرر     والمغرب هو يعـــــــــــــــــــــــــــاون عيناني
الجزائر يا لخو تدخل خـــــــــــــطر     لا تتبع لا قوال وافـــــــــــــــــــــهم المعاني
ربي تستر بالله أنت القـــــــــــــادر     تجعل فيها سلم تبلــــــــــــــــــــــــغ الأماني
تفرحو جميع ويبرى من انكسر     ويرجـــــــــــــــــــــــــع لبلادو ازعيم العرباني
شوفوا شوفوا جيشنا قائد ماهر     قسموا جاء في الطاكتيك ردع الغواني
لا تنسوا بن بولعيد أكريـم وحر     سبل مالو عـــــــــــــــــــــلى جيش الوطاني
والزعما كاملين أصــــحاب الفكر    انصرهم يا خالــــــــــــــــــــــــــــــقي يا فوقاني
والمؤيدين احفظهم يـــــــــــــا قادر    وأعمي عنهــــــــــــم بالله حزب الخسراني
وإذا كان التومي سعيدان قد انفرد بمعايشة الثورة والمشاركة فيها مما خول له تبوء المكانة المتميزة بين شعراء الملحون في المنطقة، فإن شعراء ما بعد الاستقلال بدورهم احتفوا بثورة آبائهم وأجدادهم واعترفوا بجميلها وفضلها على عموم الشعب الجزائري. 
2-             عبد الله برمكي[7]:
       يزدان شعر عبد الله برمكي بمجموعة قصائد في الثورة الجزائرية وأمجاد الجزائر، وهو مثل غيره من الشعراء سكنهم حب الجزائر، ودفعهم للقول في مختلف الجوانب التي تفي هذا البلد حقه من الاحترام والإجلال، ويتناص شعره بالتالي مع شعر مفدي زكريا ومحمد العيد وغيرهما في إشادته بالثورة، وهو ما يعني أن شعراء الجزائر منذ الاستقلال يلتزمون بثابت شعري" لا يخرج عن العقيدة الإسلامية المؤيَّدة بلغة خاصة، وبوطن ذي ثوابت جغرافية وتاريخية معبنة، وبالثورة التحريرية الكبرى كفعل إيجابي، وبالشهيد كنموذج رائع لا تكون القدوة إلا به" .[8]
        ففي قصيدته "مسيرة حب"[9] يعدد الشاعر خصال الجزائر بما يجعلها مطلع المعجزات وجنة الله في أرضه بتعبير زكريا، فيقول:
الجــــزاير يا غــالية يــــا عين الحب   يــا منبــع للـــود يــــــــــــا ملقى لحبــاب                                                الجـــزاير يـا كون ربـــــــي فيـه كتب     وزرع فيــــــهــا حب لمــاليهــا طـــــــــاب                                          الجـــــزاير بــالنيف دالوطـــــــن تلقب     خــرجــو منـــــــو رجـال ميزتهم للاقاب                                        خرجو منو رجال للسلم وللـــــــحرب     كانــــو همـــــــــة وشــان خيـالـة تنهاب                                              الجزاير في كل مضرب كاين قطب     الجـــــزاير يا بـــر عمــــــرتو  الأقطـــاب                                                 الجـــــزائر يا أرض لعجام ولـــــعـرب      ف الصحــرا والتل كان الحـب سباب
إن المحبة التي يتحدث الشاعر عنها هي أهم خصلة جمعت شمل هذا الشعب ماضيا وحاضرا، وهي الكفيلة بإدامة وحدته مستقبلا؛ لهذا يحتفي الشاعر بستينية الثورة التي صنعت هذه الوحدة الوطنية، فيقول:
نــوفمبــر لـــباه دالشعـــــــــب تجاوب      ديك اليلة دعــاه والــرب ستجـــاب                                                   ديك اليلـــة سابقــة فــــي علم الرب      صبـح النصـر وحاه للجــزائرجــاب                                              عطــاها شهيــد روحـــــــــو فيها دب      خـــــــلاها حيـــاة لينــا كيــــمـا حــاب                                        الجـــزائر ستين سنة عــــــمر الحب      مــا يتساوم حبهـــا مافيــه عـــتــاب                                                 الجـــزير يا دم فعـــروقـــــــي يســرب      نتنفس مـن روحهـا طيبــة وطيــاب                                        الجــــــزائر يـــــــــــــاروح فــينا تتشبب      ستيـــن سنــة حبهـــا مــــــزال شباب                                               ستيـــن سنة عـز عشناها مكسب      خيــرم قــرن وفـات فالضلم ولعداب                                             ستيــن سنـة عـــــــــــزها مزال يصب      مــزنو فـــوق سماء الجزاير صباب
هذه الحقائق التي يدركها كل جزائري في بيته أو بجواره ذكرى مجاهد أو شهيد، تدفع الجزائري إلى التمسك بالذاكرة الوطنية الحية، على الرغم من تقادم العهد وتبدل الظروف وزحف العولمة التي جعلت العالم يتوجه صوب المادة والمستحدثات التكنولوجية مستهينا أو يكاد بكل الخصوصيات التاريخية والثقافية لشعوب صنعت مجدها بتضحياتها الجسام. وفي هذا الإطار تأتي قصيدة "حتى لا ننسى"[10] لتبقي مهابة الثورة ومجرياتها حية في قلوب الجزائريين، فيقول:
ســال الــدم ودمنـــا ياسـر طـــــــــاهر     شــربت منــــو أرضنــــا ونبت شجر                                          
 ونبت بــالبــارود  فــارض الجزائـــــر     وقــال الحـــــق يعــود لا بــــدا يظهر                                               بهت قـاع النـــاس والعــالـم حـــــأيـر    فــي ثــورة محــــــال هـــــــــا لا تتكرر                                            
 فــي ثـــورة مــزال بيهـــا نـفتــــــــــاخـر     ثـــورة لتـــاريخ  لليــــــــــــــــوم تنـدكـر    
 سبع سنين ونـص بـــارودو زاهــــــر     قـــرر به الشعــب مصيــــــــــرو قرر                                         
 سبـــع سنيـــن ونــص جات البشاير    هلت فـــوق سمـــــــــاء الجزائر لخبر                                                   عــــزتنـــا ولات بــالــــدم الثــايـــــــــــــــر     ورجعنــا لبـــــــــــــــــلا دنــا عــز مـئزر                                                 راهــا فيــه اليـــــــــوم تــعيش الجـزائر     ويعيشو فيه ولادها كبار ومـصغـر
ومثل ذلك نجده في قصيدة أخرى بعنوان " روح ورياح"[11] يقول فيها:
تاريخك يازايخة كتبوه صحــــــــــــــــاح بــاين في بــارودهـم مـــن نيرانو                                                
سبع سنين ونص حصدت م لرواح     سبع سنين الدم جــــاري ويدانو                                                   
 سبع سنين عناد لعدوهــم كفـــــــــــاح     سبع سنيــن ونص رجــالة كانـو                                                 
سبع سنين ونص ماحطوش سلاح     ماملـــو كيفـــاحــــــــهم زاد إيمانـو                                                  
ما ملوش رجال كلمتهم تقســــــــــــاح     كلمتهـم بــارود عالـــــــي دخــانـو    
كلمتهم رصاص من جعبتهـــــا طاح     صـــور الـروم ولا تلا في بنيانــو                                                    
رجالة يا صاحبي ميزةو وقحـــــــــــاح    وصلـو قصـر الــروم نحو بيبانــو
هذا التوصيف سمة شعر ما بعد الاستقلال عموما، وبما أن شعراء الاستقلال في أغلبهم لم يشهدوا ثورة التحرير الكبرى، فقد انطلقوا في شعرهم من مبدأ التفاخر بالإنجاز الذي استوحوه من قوة العدو الفرنسي في تلك الحقبة؛ فبقدر ما يكون العدو عاتيا وعصيا على الهزيمة تكون هزيمته مبعث تعظيم، يستخدم فيه الشاعر معجما فخريا تكلله ألفاظ من قبيل( بارود – دم - ثائر– محالها تتكرر- نيران -  سلاح – رصاص...).
إن الفخر بثورة الآباء والأجداد تذكر الأجيال الجديدة بحجم التضحيات التي بذلوها في سبيل عزها ورفاهيتها، والرسالة الموجهة إلى الشباب من خلال ذلك مفادها أن الحرية التي تحققت على دماء وأشلاء الجزائريين هي دعوة للشعب إلى اليقظة والاتحاد والتكاتف للحفاظ على المنجزات، والاستفادة من دروس الماضي لبناء الحاضر، يقول الشاعر في"  رسالة الأبطال"[12]:
يرحـــم من ضحاو جــابــو  الإستقـــلال      رفعــو عـــــز بـــلادنــــا الفـــوق تعــــالة
  أخضــر وبيض طابعــو نجمــــة وهــلال      بــــدم الشهــــداء ونيـــف الـــــــــرجــالــة                                  خــلــد يــاتـــاريــــخ ليـــهم فالاجيـــــــــــــــال      ودي للأ جــــيــــــال عـنهــــم رســــــــــالة
خبـــــرهــــم اجيــالنـــا عل الأحتـــــــــــــــلال      وخــبرهــــم علـــــــى سنـيـنو  المحتــالة
 قــــرن وسنـــوات غطـــا نـــا لكحــــــــــــــال     قــــــرن وسنــــــــــــــــــوات ضنــك وعكالة
 قــرن وسنـــوات شفـــنا الـويــــــل شكـــال     ومــــارينـــاش نهـــــــــار واحـــد بسهالة  
شفنـــا قـــــاع سنينــا  حنظـــــــــــل وذلال     ورقــــــابــيـنـــــــا فيــــــــــــــد لعدو مغلولـة
 ومـــا لينـــا فــي قوتنـــا حتــــــــــــى مثقال     ومــــــالينـــــــا فـــي أرضنا اليــد الطولة
  كنــــا محتلـــين بصيغـــة الإستغـــــــــلا ل      ســــاءت لينـــــــا فــرانســـــــا المعــاملـة
هـــا نـتـنــــا فـد يـارنـا هـــانت لقـــــــــــلال      تشــــرينا مـــن بعضنـــــــــا  بــالعمـــالـة
وبين الفخر والذكرى يظل المشهد الثوري يظلل الجزائري أينما اتجه، فذاكرته تقوده في مساره الطويل نحو البناء، وتشكل فيه نوعا متميزا من السلوك الذي يحصنه ضد بيع كرامته تحت أي ظرف، كما تدفعه إلى احترام نضالات الآخرين الذين يرى أنهم يستنسخون تجربته بشكل أو بآخر، كما كما استنسخ هو تجربته من سابقيه.                                                                           
3-             البشير مسعودي[13] والحماسة الثورية:
يخصص البشير مسعودي للثورة الجزائرية حيزا مهما ضمن مجموعتيه الشعريتين، وهو ابن الاستقلال وعيا وإدراكا؛ فتماشيا مع الجو الثوري الذي ساد الجزائر في العقود التالية لاستقلال الجزائر، والأحداث المختلفة التي عاشتها، والتقلبات التي انعكست آثارها السلبية على المواطن في السنين الأخيرة، نظم الشاعر جملة من القصائد التي أراد بها توجيه جملة رسائل إلى أبناء وطنه محذرا في غالبها من مغبة نسيان الماضي وما حمله من معاناة. لهذا بإمكاننا الوقوف على خطابين ثوريين في شعر مسعودي:
الأول : يخصصه للثورة وما جرى فيها من أحداث، وفي هذا الشعر لا نجده يختلف عن التومي سعيدان مثلا أو حتى شعراء الفصحى الذين تغنوا بثورة التحرير الكبرى؛ ويمثلها قصيدة " ثورة التحرير" المتكونة من واحد وستين بيتا، وقصيدة "ثمنية ماي" وأبياتها خمسة وعشرون بيتا، وكذا " الأيام المرة" وأبياتها اثنان وخمسون بيتا.
الثاني: يخصصه لأحداث الحاضر، ويضمنه التذكير بالثورة والتضحيات الجسام، وهي كثيرة في ديوانه نعد منها مثلا " يا شباب" و" هادي أولف "و" تفكرت أيام" .
كما تلحظ من ناحية أخرى أن النوع الأول يتفرع إلى قسمين: الأول يتناول فيه الثورة بوصفها حدثا وطنيا، فيذكر مآثرها وأبطالها الكبار الذين عرفنا بهم التاريخ، والثاني يخصصه للثورة الجزائرية كما تجسدت في الجنوب الجزائري عموما وفي توات والتيدكلت خصوصا بحكم موطن الشاعر.
أ-الثورة التحريرية كحدث وطني:
في هذا النوع من القصائد يشكل الاستعراض التاريخي أهم مرتكز في بناء القصيدة، ذلك أن الشاعر يطلق العنان لعرض الأحداث الكبرى التي جسدتها ثورة نوفمبر على امتداد سبع سنين، وربما استعرض الشاعر جزء من التاريخ السابق لها، في شبه نشوة بالانتماء إلى أرض البطولة والتضحية.
يستهل الشاعر قصيدة "ثورة التحرير[14]" بمقدمة خاصة تحضيرا لما سيعرض من صور لأحداث كبرى ميزت ثورة التحرير، فيقول:
سال عنها يا من تسال السنين    وسال الأيام ماضيها أش هداها
سال الجبال والمـــــــغارات دارين    وسال الوديان تــــعرفنا عاشرناها
سال الليل والنـــــــجوم السطعين    أش مخــــــــــبي أسرار كان حكاها
فاتت سنين  سوايعها منحوتين   كل دقيقة مرت بنـــــــــــــــا يا مغلاها
إن اختيار فعل الأمر(سال) مكررا دلالة على عظمة الشيء المسؤول عنه وهو هنا الثورة؛ وجعل السنين والجبال والمغارات والوديان والليل والنجوم شاهدة على تلك العظمة، وهي العناصر المختلفة التي لها رمزيتها الثورية، فالزمان بطوله رمز المعاناة، والمكان بصعوبته رمز القوة والحصانة، والكون رمز للشهادة على الأحداث التاريخية التي خط سطورها شعب جعل العزيمة والإيمان بالقضية حافزا للتحدي، بدء من لحظة الغزو إلى لحظة النصر.
فعام ألف وثمنمئــــــــــــــة وثلاثين    بورمت جا غصب أرضنــــــا اداها
تحداه بقوة سلمــــها داي حسين    وبعده أحمد باي المقاومة ابداها
فقسنطينة قال للموت مستعدين    ولا سلطة فرنسا محـــــــال نرضاها
ثم يعرض سلسلة المقاومات الشعبية بدء من الأمير عبد القادر مرورا بثورة الزعاطشة  والشيخ بوعمامة في البيض، وجهود جمعية العلماء التنويرية وصولا إلى ثورة التحرير التي كانت نقطة تحول هامة في تاريخ الجزائر.
نطقت جبهة التحرير وجيشها لمتين   فلقاء الــــــــثنين عشرين خيرة ابناها
واتفقت على أول نوفمــــــــــبر كاملين   يوم الاثنين الساعة صـــــــــفر نبداها
فألف وتسعمية وربـــــــــــعة وخمسين   شاف المستعمر هزيمة ما فات راها
كلمة السر عقبة وخــــــالد صحابيين   والله أكبر الشعــــــــــــــــــار الي واتاها[15]
ويمضي مستعرضا أهم أحداث الثورة ومحطاتها مستعينا بذكر التواريخ، وبخاصة أحداث:1955-1956-1958-1961-1962، في تعبير ملحمي حماسي، يناسب الذائقة الشعبية الميالة إلى عرض الأشياء وتسلسلها لتكون قريبة إلى الأفهام.
ب- ثورة التحرير في الجنوب الجزائري :
لا ننكر أن ثورة التحرير كانت في أوج قوتها في مناطق الشمال أكثر منه في مناطق الجنوب لاعتبارات جغرافية واقتصادية وسياسية، غير أن ما شهدته مناطق الجنوب من أحداث ثورية وردود أفعال على جرائم الاستعمار لا يستهان به. وكان لشعراء الجنوب فضل كبير في لفت الانتباه إلى ذلك. فالشاعر عبد الله برمكي مثلا يشير إلى ذلك في قوله:
وفـــي بشـــار جبـــالها طلــت بظــــــــلال      لطفــــــي لتـــاريــــخ خـــــــــــــــــلا مقـــالة  
 والهقـــار جبــــــالها جبــال التعـــــــــــــوال      والطـــاسيلــي لهيـــه  ناســـــو خـصالة                                            فــالصــــــحــرا  ورجــــالها ياسر لخصال     رجـــــال القمنــــــة فالصحـــــــاري خيـالة
 نـــاس عـلـــى تيعـــــاد لثـــــــــــــــــورة مزال     مــــزالـو بــرودهــــم فـي شعـــــــــــــــــــــالة        
عــاهـدنـا  لبــلادنــا مــا فيــه قــــــــــــــــوال     كـيمـــا لــــــول عـاهـــدو ليــه توالــــــــــه                                            أرحمهـــــم هــادوك زينـيـــــــــــــن المنــــال     الجـــنـــــة وقصــــــورهــــا ومـــاتـــــــــــــــــلا

وكذلك الحال عند البشير مسعودي؛ ففي قصيدته "الأيام المرة"[16] يستعرض الشاعر وصول الاستعمار الفرنسي عام 1899 إلى أقصى الجنوب الجزائري، وخاصة عين صالح وتوات والهقار، مما استوجب التعبئة الشعبية لمقاومته، فيقول:
نتفكر ايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام مرة بامرارها    ايــــــــــــــــام الضيق والغبينة والدخان
في تدكلت منين فرنسا جاتــــــــــــــــــــــــــها    غزات ارضها بـــــــــــــــــــــــــرور وبلدان
حملت كي الوديـــــــــــــــــــان عادت قواتها    صدوها بصدورهم اولادها الشجعان
فالف وثمنمية وتسعة وتسعين غزاتها    دخلوا لفقيقيرة غصبـــــــــوها الطغيان
ثم يبين الشاعر كيف أن زحف الاحتلال الفرنسي إلى باقي البلدات في الجنوب الجزائري مثل أولف وتوات وأقبلي وتيت وإنغر وشروين وتيميمون وغيرها أعطى سكان المنطقة الفرصة لمآزرة إخوانهم في الشمال، وإعطاء الثورة الجزائرية صداها الحقيقي. فكانت المعركة الأولى بقيادة باجودة عام 1899، ثم معركة الدغامشة في الخامس من يناير عام ألف وتسعمئة بقيادة مولاي عبد الله الرقاني، وهما المعركتان اللتان تصدرتا المقاومة الشعبية في هذه المنطقة المعزولة آنئذ عن بؤرة الاهتمام المكثف الذي شهدته مناطق الشمال، يقول الشاعر في ذلك:
وف عين صالح شحال ارواح أداتها    قلة العدة خانت د البـــــــــــــــــــــــــيزان
بفيادة أبا جودة وقف قدامــــــــــــــــــــها    جيش تلقالــــــــــــــــــــها راكب الفرسان
فوق قصبة أبا جودة رفعت اعلامها    منين قتلته هجمت منــــــه كالبركان
طلبه بأولف الدعم جــــــــــــــــا برجالها    وقصور توات عطــات خيرة الشبان
وأقبلي وتيط دعمت بــــأفرس أولادها    نجمعت ف إنغر وانطلقت الشجعان
خمسة جانفي المعركة بـــــــــــــــــــــدات    ألف وتسعميــــــــــــــــــــة تاريخ البديان
معركة الدغامشة ده هو نهــــــــــــارها    مولاي عبد الله الرقاني قاد الفرسان
ويمضي الشاعر على هذا النمط من التأريخ للأحداث والوقائع، فيتوقف حينا عند أسباب النصر أو الهزيمة، وحينا أخرى عند صفات الأبطال أو الأماكن أو القبائل، إلى أن يصل الشاعر وهو في غمرة ذكرياته إلى الإشارة إلى واحدة من أفظع الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية ممثلة في التفجيرات النووية التي بدأت عام واحد وستين، فيقول:
فلواحد وستين جربت فينا سمــــــها     مية وخمسين راجل ربطتهم فالقضبان
وستفتهم والهوش وزادت حيوانــها     رحات كــــــــــــــــــــل شي راح مع الدخان
وأدت شنطيون فالي رشق علامها     فحفرة القنبلة لــــــــــــــــــــــــــطه السرطان
 لليوم راه يتبع حقوقه ما صابــــها     وين الحضارة ويــــن حقوق الإنسان؟
وجات خمسة يوليو فرجت غبانها     واطلع علامــــــــــــــــــــــــــــنا يتبعها بألوان 
 تعد قصيدة (ثورة التحرير) واحدة من مفاخر شعر البشير مسعودي الثورية، ليس فقط لطول نفس الشاعر فيها، بل أيضا لكثرة الأحداث التي سجلتها، وغناها التصويري الذي يعبر عن صدق التجربة، وقوة الإيمان بالقضايا المطروقة.
ج- الثورة في قصائد الواقع الحالي:
في هذا الجزء من بحثنا نولي صوب القصائد التي يخاطب فيها الشاعر الإنسان الحاضر نصحا وتوجيها، أو تلك التي يتحدث فيها عن إنجازات الجزائر المستقلة والمخاوف المحتملة من التفريط فيها بتقادم السنين والأجيال. فهي أمثلة للحضور الثوري الجزئي، وكأنما يتخذه الشاعر مرجعية للتنبيه والتصحيح كلما لاحظ مشكلة هنا أو أزمة هناك يمكن أن ترقى إلى مستوى تهديد الوطن وإنجازاته الكبرى.
في هذا الإطار تأتي قصيدة " يا شباب"[17] التي يبنيها الشاعر على جزئين: في الأول يذكر الشباب الحاضر بتضحيات رجال ونساء الثورة، كونهم شبابا في عمومهم، بل يذهب إلى بيان سن كل واحد منهم على سبيل الإقناع بأن جيل الشباب هو الذي يملك سلاح الحسم في المواقف الكبرى، حتى وإن كان لا يستغني عن حكمة الشيوخ وتوجيهاتهم وخططهم. 
يا شباب نذكرك تـــــــــدي العبرة    بتضحيات لسلاف النــــــــــــــور لمجاري
 نتفكر صغار راحو يــــــا حسرة    غصبهم لاستعمــــــــــــــــــار وهدم لقواري
كي صدوه وقلبوا ايـــــــــــــــــــــامه    واجهم بالنار والقــــــــــــــــــرطاس يشاري
واش قتل فصفوفهم عدة كثيرة    كانوا ليه الضــــــــــــــــــــــد ذكورة وحواري
منهم ديدوش مراد وأبطال أخرة    فالثامن والعشرين عام نغصب الباري
  ويذكر الشاعر ببقية الأبطال الذين صنعوا مجد بلدهم بدمائهم مثل سويداني بوجمعة وحسيبة بن بولعيد وعلي عمار وغيرهم كثير.
في الجزء الثاني ينتقل بنا الشاعر إلى توجيه الشباب ودعوتهم للاقتداء بهؤلاء في حماية الوطن والذود عن مكاسبه، على اعتبار أن المجد لا تنفع ذكراه إذا أضاع الأبناء مبادئه، أو تناسوا سننه ومتطلباته، فيقعون فريسة الضياع والتبعية. يقول في ذلك:
يا شباب اليوم بالك من لـــــــــــــــعرة     شد فأرضك لا تـــــخيب لي مقداري
متن ليها الساس وازن الــــــــــــعبرة     وادي الراية راك تلــــــــــحق القطاري
داوم الخطوات وبالك الحــــــــــــــــدرة     راودها بصواب يتعمــــــــــــــر القفاري
وحد صفك لا تشتت النــــــــــــــــــظرة     تربط بماضيك وواصــــــل المشواري
ليد ف اليد كيف كان الأســــــــــــــرة     ندبب بها حتى نـــــــــــــــــعلي لسواري
بالك من السموم الضحك الصفرة     وجناح الخيان تجنبه تحته لحفاري
ويأبى الشاعر في آخر النص إلا أن ينهيه متفائلا بمستقبل الجزائر كبادرة تحفيز للشباب على الاستماع لنصحه، وكأنه يتوقع تحصنهم ضد مكائد الأعداء على الرغم من تطلعاتهم إلى التجديد ومسايرة العصر اللذين يفرضان عليهم ككل شباب العالم أن يندمجوا في الرؤية العالمية للكون والأشياء، فيقول:  
يا جزائر تدلعي وزيدي فخــــــــــــرة     صفك راه متين ما صــــدعه اشراري
وما يعزز هذا التفاؤل في نظر الشاعر، هو تمكن الشعب الجزائري من تجاوز تلك المحنة التي عاشها سنوات التسعينات، ففي قصيدة " تفكرت ايام"[18]وبعد تعداد مآثر ثورة نوفمبر وما خلفه الاحتلال الفرنسي من مآسي، يعرج على ما بات يعرف بـ"المأساة الوطنية" قائلا:
عشر سنين نذاقت الأيــــام التنواح   أش خسائر عــــــــــــدوها الحاسبين
رممنا تشقاقها وبدا يوضـــــــــــــــــاح    منين مشينا بيــــــها خير النجدين
ناضو ليها اولادها كوادر اصـحاح    وردوها لصوابها بيــــــــــوم ويومين
ردوها بالحل وكثرة التلحـــــــــــــــــــاح    حتى رجعت لايامها دوك الحلوين
تحت ظل المصالحة ضرا وجنــــاح    دام الود ما بينا بأمــــــــــن الحيين
ونعيش الأيام الجاية نعمة وأنفاح    وننمي احتيـــــــاطها نخلص الدين
ونبين مكانها تضـــــــــــــــــوا مصباح    ما بين البلدان تعــــــــــود فالأولين
إن الجمع بين الحدثين المتشابهين جزئيا في القتل والتخريب والمعاناة التي مست جميع فئات الشعب الجزائري قد أعطى القصيدة قيمتها الموضوعية، ذلك أن المقارنة التي يجريها القارئ بين الحدثين كفيلة بخلق جو من الحذر لديه من الانزلاق نحو المعاناة مستقبلا، وهو ما يؤدي من ناحية أخرى إلى تعزيز الروح الوطنية المطلوبة في كل خطوة تسعى لبناء وطن آمن ومزدهر.
خاتمة:
يحتفي الشعر الشعبي بثورة التحرير بشكل يجعل حضورها شبه دائم ولو في شكل إشارة عابرة، ذلك أن طبيعة الشعر الشعبي القريب من عامة الناس واللصيق بذاكرتهم ومآثرهم يجعل القصائد الثورية تحتل مكانا محترما عندهم، فالجزائري لم يستطع أن ينسى حقبة زمنية صعبة إن لم يكن قد مر بها هو فقد سمع عنها من أبيه أو قريبه أو قرأ عنها في كتب التاريخ أو في روايات البطولة وما أكثرها.
ويمكننا أن نخرج من هذه الدراسة الموجزة بالنتائج الآتية:
-       إن الشعراء الشعبيين الثلاثة الذين اختارتهم الدراسة ينتمون إلى جليلين مختلفين، ولكنهم يحملون النظرة نفسها تجاه ثورة شعبهم سواء في ذلك من عايشها كالتومي سعيدان، أو من سمع وقرأ عنها كالمسعودي والبرمكي.
-       إن الحضور الكلي أو الجزئي للثورة الجزائرية في القصيدة يمليه الموقف، فعادة ما يكون الأول مرتبطا بالمناسبات الوطنية، بينما يرتبط الثاني بالأحداث الاجتماعية والظواهر التي تسجل في سلوكيات الشباب على وجه الخصوص.
-       الشعراء الثلاثة جميعهم ينتمون إلى منطقة الجنوب، وقد استطاعوا أن يضيفوا إلى ما نعرفه عن ثورة التحرير في الشمال صورا لها في الجنوب الجزائري، وهو الأمر الذي لا نجده شائعا على نطاق كبير عند القراء؛ وعلى الرغم من أن صورة الثورة لم تتغير، إلا أن ذكر الأماكن والأبطال وبعض الحيثيات المرتبطة بالأحداث يجعلنا نجد في شعر هؤلاء إضافة محمودة تشعرنا بوحدة هذا الشعب وتوحد رؤاه.
-       يعتمد شعر الثورة عند الشعراء الثلاثة على الطابع التصويري الاستعراضي، سواء تعلق الأمر بالعامل الزمني (مراحل الثورة والنضال)، أو بالنماذج التي يختارها الشاعر( الشهداء .. المعارك.. الأماكن الثورية..)؛ وهو ما يجعل قصائده تتميز بالاسترسال والانسيابية تدفع القارئ إلى الشعور بالحماسة والنشوة والفخر بالانتماء إلى الوطن الذي احتضن هذه الأحداث.

هوامش:




[1]     انظر مقاله بعنوان " الدغامشة" في الشروق أون لاين على الرابط:
[2]   ديوان مغذي الأرواح ومسلي الأشباح. 67. مطبعة عمار قرفي – باتنة . (د.ت). نقل النص كما هو رغم بعض الركاكة في التعبير لكون الاهتمام وقتها كان على الفكرة أكثر من الأسلوب، ولكون شاعرنا شعبيا، بل حتى مقطوعاته الفصيحة تعتريها ركاكة يعترف بها الشاعر.
     [3] من حوار حكيم عزي لخضر عواريب في جريدة الشروق. انظر الرابط
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/196954.html
[4]   التومي الحاج سعيدان بن بلعالية ، واحد من أشهر شعراء الملحون بالجنوب الجزائري ، ولد عام 1922، بإنغر ولا ية تمنراست، انخرط في العمل السياسي والحربي مند 1940 حين انضم إلى جمعية العلماء شعبة قسنطينة ، ثم انخرط في صفوف حزب الشعب عام 1950، عين عام 1957  عضوا في مكتب الخلية التابعة لجبهة التحرير الوطني المكلفة بجمع المال والسلاح والمعلومات. له ديوان شعر جمع فيه عددا من الأغراض الشعرية المختلفة. توفي في جيلية 2014.
 [5]    ديوان مغني الأرواح ومسلي الأشباح. 67.
 [6]    المصدر نفسه. 43.
 [7]   شاعر من أولف بولاية أدرار، بدأ مسيرته مع الشعر الفصيح عام 1992، ثم سرعان ما تركه لينظم في الملحون بدءا من عام 2002، تأثر بالقصائد المغناة شعبيا في منطقته، فأنتج مجموعة شعرية سماها( صور من الواقع على وقع المواجع) المطبوعة بدار المقامات- الجزائر.
[8]     عمر بوقرورة. دراسات في الشعر الجزائري . 74, دار الهدى- عين مليلة.
 [9]      قصيدة مخطوطة حديثة لم تنشر بعد استلمتها من الشاعر.
 [10]      قصيدة مخطوطة حديثة استلمتها من الشاعر.
 [11]     قصيدة مخطوطة حديثة استلمتها من الشاعر
 [12]     قصيدة مخطوطة حديثة استلمتها من الشاعر
[13]     هو بشير بن أحمد مسعودي المعروف بالسوفي ، من مواليد حي الركينة بأولف ولاية أدرار عام 1956، شاعر شعبي معروف بنشاطه الجمعوي الكثيف، وبأشعاره الاجتماعية المنبثقة من احتكاكه بأطياف المجتمع المختلفة. يعرف فنيا بـ" تأبط  شعرا" على شاكلة " تأبط شرا" الشاعر الجاهلي المعروف لحمله المستمر للشعر في ترحاله وزياراته لمختلف مناطق الوطن.  له ديوان شعر من جزأين، من طبع دار الكتاب العربي 2008 و2014 .
   البشير مسعودي. من درة القوافي للملحون الأولافي . 11-14 دار الكتاب العربي . ط1 . 2008 . [14]
[15]   المصدر نفسه. ص11-14.
[16]    نفسه .17 .
[17]     نفسه. 21
[18]     البشير مسعودي. جمة من حوض الشعبي. 14، دار الكتاب العربي . 2014.